مدونة سعد الاعظمي / 26 ، تشرين الاول ، 2019 / الحدود العراقية – التركية – السورية
حين بلغت السابعة عشرة من عمري كنت انتظر عودة ابنة خالتي نورا من سفرتها اثناء العطلة الصيفية مع عائلتها . فقد كانت تجلب معها مجموعة من اشرطة الفيديو التي تتضمن أفلاماً جديدة . كنت مغرما بمشاهدة افلام الخيال العلمي و الاثارة و الأفلام الكوميدية الاجنبية . كان يصعب عليّ فهم كل تفاصيل الحوار باللغة الانكليزية ، و لذا كنت اطلب من نورا ان تترجم لي بعض المقاطع . كان سر اهتمامها المفاجئ بالأفلام الاجنبية هو استمتاعها بإبراز مقدرتها على تكلم الانكليزية أمامي. غير اني كنت لا اتمعن بمعاني الترجمة قدر تمعني في تموجات شفتيها و ابتسامتها الرقيقة . و كلما لاحظت دهشتي من موهبتها و افتضاح عينيّ في مراقبة طريقة تحرك شفتيها ، كلما ازدادت رغبتها في ان نشاهد المزيد من الأفلام. اذكر اننا شاهدنا في احدى ليالي صيف الكويت الرطبة في شهر اب فلما كوميديا تم انتاجه عام 1984 من تمثيل الممثل الفكاهي المشهور ادي ميرفي الاسمر البشرة والممثل دادلي مور ، احداث الفلم بدت منسجمة مع موجة الغرور الأمريكي عند اختراعه لسلاح عسكري جديد . كانت المشاهد تتخللها مشاهد ساخرة وهو أمر لا يدعو للقلق او الاستغراب لكن ما بدا يثير الاستغراب ان الفلم انتقل لتصوير مشاهد تمثل قيام الجيش العراقي بغزو مفاجئ لدولة الكويت . وعلى اثره يقوم الجيش الأمريكي بتجربته لذلك السلاح الجديد . فينجح في اخراج الجيش المحتل من دولة الكويت. الأمر الذي اثار اشمئزازنا هو ان الفلم صور العرب عامة و الكويتيين منهم خاصة بمظهر الاغبياء المثيرين للسخرية الشديدة.
كان ذلك الفلم هو اول الافكار التي يمكن ان تكون مفيدة لتنفيذ خطة الشيخ ابراهيم الذي طلب منا تنفيذها بعد انتهاء محاكمة صدام و إعدامه. فقد تم نقلي بعد موقعة موعدنا الجسر الى خلية جديدة للمقاومة ، تم تسميتها من قبل الشيخ ب ( صناعة نظرية المؤامرة ) ! ويراسها ابو أسامة الحراني . كان الهدف من انشائها هو الترويج لأفكار بدت غريبة وجديدة في ذلك الوقت. وجذور الغرابة لا تنبع من عملية خلق الاكاذيب بذاتها ، فذلك الأمر يعد قديما قدم استخدام الاشاعات المزيفة في الحروب القديمة . ولكنه يستند الى خلق أوهام يمكن دحضها وكشف زيفها ببساطة ، مما يخلق استعدادا للجماهير للتشكيك في كل ما ينشر حتى لو كان صحيحاً. لان الشعور الجمعي للجمهور سيكون حينها قد تلقى فايروسا يمنعه من الجزم بصدق اي تفسير منطقي للأحداث .فعلى الارجح ستجد من يفسر الأمور وفق استنتاجات غريبة ، هي البذور التي تم زراعتها من قبلنا لصناعة نظرية المؤامرة ، فتغدو نظرية المؤامرة بنفسها اكبر مؤامرة!
المرحلة الاولى ( ولكنها لا تدور ! ) #
ابتدأنا بنشر الفيديوهات والمدونات التي تروج لوجود مؤامرة ضد الفكر البشري تتبناها وكالة ناسا الأمريكية لعلوم الفضاء . وتقديم الادلة على زيف هبوط الانسان على سطح القمر . وفضح الفلم الذي تم تصويره في استوديو خارجي ، و تقديمه كتصوير لخطوات اول أنسان يمشي على سطح القمر و يضع العلم الأمريكي الذي كان يرفرف برغم عدم وجود هواء في الغلاف الجوي للقمر ! كما حملنا ملفات كثيرة تشكك بكروية الأرض ، و تزعم ان الأرض مسطحة و هي لا تدور حول الشمس حسب النظرية الكوبرنيكوسية المزيفة و تكذيب كلمة غاليلو الشهيرة أمام محكمة الكنيسة في روما ، حين قال: ( ولكنها تدور!) . فالأديان السماوية والفطرة البشرية تؤمن انها لا تدور ! فالأرض هي مركز الكون ، و الانسان هو اهم المخلوقات في الكون . وليس كما تصوره المؤسسات العلمانية التي تدعم ترويج ان الارض ما هي الا ذرة صغيرة في كون واسع كبير يحوي على مخلوقات فضائية اكثر رقيا و تقدما. واكثر من ذلك ، التشكيك في قدرة الانسان على الخروج من الغلاف الجوي او وجود اقمار صناعية بهذه الكثافة، التي لا تبدو حقيقة في ظل عدم عطلها او تصادمها. وعدم توفر ( بث مباشر ) لحركة الارض تصوره هذه الاقمار الصناعية التي يتجاوز عددها ألفي قمر صناعي حسب وكالة ناسا !
كنا نستغل كل مناسبة لكسوف الشمس لنشكك في ان القمر لم يكن حاجبا للشمس فهو ليس مَن يسبب كسوفها ، كما يدعون . وكل تلك اكاذيب تم حشو ادمغتنا بها في المدارس منذ الطفولة لكي يحجبوا الحقيقة عنا! في بعض الاحيان، لم نجد سببا كافيا يدفع ناسا و شقيقاتها لخداع الناس ، الا الادعاء ان هدفهم هو التضليل الفكري بحد ذاته وليس لأية اهداف مادية او فكرية محددة!
لم ندع اي فكرة الا وقمنا بزعزعتها. لم يكن هدفنا قطع اليقين بنظرية معينة ، بل خلق توجه عام للتشكيك بكل ظاهرة فلكية او انجاز علمي . و ابتدأنا بأفكار الفضاء لصعوبة اثبات ايٍّ من وجهتي النظر المتصارعتين عن طريق التقصي او التجربة البسيطة. كنا نجعل الدين يواجه علوم الفضاء الحديثة لإحداث فوضى فكرية ، تنتهي بالتشكيك في كليهما.
المرحلة الثانية ( فخ لملك بابل ! ) #
بعد مرور عام تم تهيئة ذهن الضحية للمرحلة الثانية. وردنا الأمر من قبل ابي أسامة الحراني ببث نظريات المؤامرة المتعلقة بالسياسة. وعندها عدت للفلم الذي تم انتاجه قبل اجتياح الكويت بستة سنوات و بدأت ابحث عن الجواب للسؤال الذي طالما ارقني بعد غزو الكويت : كيف تبأ كاتب فلم افضل دفاع بقيام صدام بغزو الكويت في الوقت الذي كان صدام يخوض غمار حرب استغرق أمدها ثمان سنوات ضد ايران ، و كانت خلالها علاقته بدول الخليج التي ساندته على افضل حال ؟! بعد البحث في الشبكة العنكبوتية ، وجدت ان الفلم مُستوحىً من رواية اسمها (طرق سهلة وصعبة للخروج) كتبها روائي يدعى روبرت غروسباتش عام 1975 تتحدث عن تورط الولايات المتحدة في الحرب الفيتنامية . لكن المخرج ويلارد هويك ؛وهو ذاته كاتب السيناريو ؛ بالاشتراك مع زوجته كاتبة السيناريو اليهودية غلوريا قد غيرا مجرى الاحداث من فيتنام الى احتلال الجيش العراقي لدولة الكويت الذي لم يقع الا في اب 1990 ! و مما يجلب الشك والدهشة و الانبهار ولاسيما من حيث ، متابعة التفاصيل بمنتهى الدقة مثل ، قيام الجنود العراقيين بسلب و نهب ما موجود في الكويت . و قيام ايدي ميرفي ؛الذي يمثل دور ضابط في الجيش الأمريكي المرابط في الكويت؛ بتشكيل وتدريب الجنود الكويتيين الذين اسندت ادوارهم الى ممثلين اسرائيليين ، حيث ان اغلب مشاهد التصوير تمت في اسرائيل !
كنا ننشر مقاطع اليوتيوب التي تتحدث … ((حرب الخليج الثانية او عاصفة الصحراء هي مصيدة سياسية مدبرة في البنتاغون منذ وقت ليس بالقصير. حيث قامت شركة نفط أمريكية بتعميق بئر نفط كويتي يقع على الحدود العراقية الكويتية ليسحب النفط الخام من الاراضي العراقية من دون علم الكويتيين. فيكون سببا لاستفزاز العراقيين و اعطائهم الضوء الاخضر عن طريق خداع قادتهم بعدم التدخل في حالة غزوهم لجيرانهم!))
قام عضو اخر في خليتنا ببث فديو اخر يدعي … ((عاصفة الصحراء هي تحقيق لنبوءة توراتية قديمة تتحدث عن فخ ينصب لملك بابل ، فيكون سببا لإهلاك جيشه. هكذا تكلم النبي ارميا في سفره … ((قد نصبت لك شركا فعلقت يا بابل وانت لم تعرفي … لذلك يسقط شبانها في الشوارع. و كل رجال حربها يُهلكون في ذلك اليوم يقول الرب … على اسوار بابل ارفعوا الراية ، شددوا الحراسة ، اقيموا الحراس، اعدوا الكمين .لأن الرب قد قصد ، وأيضًا فعل ما تكلم به على سكان بابل. ايتها الساكنة على مياه كثيرة وافرة الخزائن ، قد اتت اخرتك كيل اغتصابك. قد حلف رب الجنود بنفسه أني لا ملأنك اناساً كالغوغاء فيرفعون عليك جلبة….!))
كتب فرد اخر من عناصر خليتنا … (( ان اسم صدام قد ورد في بعض رباعيات المتنبئ الشهير( نوستردامس) التي الفها في القرن السادس عشر الميلادي. حيث وردت ما نص ترجمته :
(( ملكُ أوروبا سيأتي كالنسر،
مصحوباً بأولئك أَهلَ الشمال،
وسوف يقودُ جيشاً عظيماً من الأحمر والأبيض،
وسوف يذهبون ضدّ ملك بابل .))
(( مابوس ( صدام ) سوف يموت بعدها،
وسيأتي دمارٌ رهيب يصيب الناس والحيوانات.
فجأة سوف يظهر الثأر و يحلّ.
مائة يد ، عطش وجوع ، عندما يمرّ المذنَّب .))
فقد ورد اسم مابوس ( Mabus) وهو الكلمة المعكوسة لاسم صدام ( Sudam ) بقلب اتجاه الكلمة و اتجاه حرف (d) الى (b) . وهو أسلوب استعمله نوستردامس في مواضع عديدة من نبوءاته وذلك امعاناً في التعمية على أغلب الظن من أجل أن تبقى مثل هذه البرقيات ؛التي يرسلها من تلك الأزمنة السحيقة في قدمها ؛ أن تبقى في طيّ الكتمان حتى يحين حينها وتنكشف لأهل زمانها. برقيات تحدث فيها عن فخ سوف يُنصب لحاكم بابل فتجتمع عليه الأمم لدحره . فكانت دولة الكويت دون علم حكومتها هي ذلك الطعم الذي تم تقديمه ليبتلعه صدام ، فيزج جيش العراق و شعبه في معركة خاسرة انتهت بـ كابوس ليلة الانسحاب . حيث فر الآلاف من الجنود العراقيين في انكسار نفسي عميق لخص انكسار أمة ، لازالت تعاني نتائجه حتى هذه اللحظة ، التي لازالت فيها ارواح الجنود مستمرة في الجري عبر طريق الموت. لتستمر في الضياع بارض التيه حتى مطلع الفجر!
المرحلة الثالثة : ( في انتظار عودة صدام !) #
كانت هذه المرحلة هي اهم المراحل في برنامج الخلية .فقد تم التحضير لها منذ القبض على صدام من قبل قوات التحالف. طيلة فترة محاكمته كنا نجمع الادلة والمعلومات مستندين الى ان صدام استخدم عدة اشخاص يشبهونه. فكان يستخدمهم في المناطق الخطرة و التجمعات ، التي لا يود الحضور فيها الا بصورة دعائية. وفي النهاية ، لم يكن من السهل معرفة من هو الذي تم القبض عليه ، ومن هو الذي اُعدم ، ومن هو الباقي على قيد الحياة فيهم ؟! احجية اقرب الى الخيال. نحاول زراعتها في عقول الناس كواحدة من ابرز نظريات المؤامرة في العصر الحديث واشدها سخرية و غموضاً.
والحكاية تبدا منذ أيام الحرب العراقية- الايرانية. حينما كانت الحاجة الى قيام الرئيس بصفته القائد العام للقوات المسلحة بزيارات ميدانية للجبهات لرفع معنويات المقاتلين في جبهات القتال. ولما كان الوضع خطيرا في الجبهات ، فيجب ان يقوم بهذا الدور شخص شبيه بصدام ، خشية تعرضه لمحاولة اغتيال. عندها بحث رئيس الديوان الجمهوري فوجد احد عشر شبيها محتملا. صوَّرهم في مختلف الاوضاع و سجَّل اصواتهم وحركاتهم و سكناتهم ثم عرضهم على صدام فاختار منهم شخصين فقط و استبعد الباقين. اختاروا لهما اسمين جديدين. بعدها اتلفوا كل ملفاتهما الرسمية ، و حجزوا عائلتيهما في منطقة معزولة حتى لا يفضحوا السر. بعد تلقيهما لتدريبات مكثفة و خضوعهما لبعض العمليات الجراحية التجميلية لتقريب الشبه اكثر. ادخل اولهما ويدعى ميخائيل رمضان على صدام. اخذا يتجاذبان الحديث . كانا كشخص يكلم ذاته . ترك صدام الغرفة وبقي شبيه لوحده ثم تم استدعاء عدي ابن الرئيس لمقابلته , اراد الجلوس لم يسمح له الشبيه بذلك تكلم معه لنصف ساعة ، و خرج غير عارف انه كان يتحدث مع التوأم الجديد لأبيه !
بدا استخدام ميخائيل الذي كان اكثر شبها من البديل الاخر؛ ويدعى جاسم العلي؛ في المناسبات التي لا يتطلب من الرئيس سوى الظهور و التلويح بيديه و الحديث بضع كلمات قليلة . كان اصغر عمرا من صدام واكثر حيوية . لكن جاسم العلي كان اكثر قدرة على التحدث بلكنة تشبه الرئيس . وكان يستطيع ان يحاور المسؤولين في الدولة كما لو انه صدام الحقيقي. لكن أمراً وحيداً ظل مختلفاً عنه ، هو وجود شأمتين في الخد الايسر له. لم يتم ازالتهما في العمليات الجراحية التجميلية عن عمد ، خشية ان يكون الشبه متطابقا تماما ، فيصعب التفريق بينهما حتى من قبل اسرة الرئيس ، فيقع المحظور !
في احدى زياراته الى جبهات القتال ، اصيب البديل رمضان في ساقه برصاصة اثر تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة نفذها احد قادة الافواج الناقمين على سياسة الرئيس . وكان هذا مصدر ارتياح للرئيس ، فقد كان هو الاخر قد اصيب برصاصة في ساقه أيام النضال للوصول لكرسي الحكم . فقال له بعد شفائه : ( مبروك ، اصبحت الان تشبهني في كل شيء ، حتى في مكان اصابتي !) .
في التاسع من نيسان / يوم دخول القوات الأمريكية الى بغداد ، ظهر ميخائيل في بدلته العسكرية و بأكمل حيويته و نشاطه في منطقة المنصور وسط بغداد مع افراد حماية الرئيس . فاخذ الناس يتجمعون حوله وهم يرددون الهتافات للترحيب به: (بالروح بالدم نفديك يا صدام!) وكان ميخائيل يرفع يده ملوحا بالتحية و على محياه ارتسمت ابتسامة القائد الواثق بتحقيق الانتصار . بعد اقل من نصف ساعة تم بث خطاب صدام في قبو عسكري . بوجه شاحب يلقي خطابه الاخير, بصوت متشنج يطلب من ابطال القوات العسكرية الصمود و ضرب العدو اينما وُجد. و تحريض الجماهير على حرب طويلة، في المنازلة الكبرى لمعركة الحواسم !
كان الشخصان يختلفان في ملامحهما التي تعكس صحة رجل في عنفوان قوته وفي خده الايسر شامتين و اخر مريض وليس في خديه شأمة !
اختفي صدام يوم سقوط تمثاله في ساحة الفردوس يوم التاسع من نيسان 2003 . فقد كان سقوط التمثال هو رمزٌ لسقوط نظام كامل. حيث اخُتزلت خمسٌ وثلاثون عاما من الحروب و الأزمات في لحظات السقوط . حيث حاولت الحشود الشعبية الغاضبة مراراً اسقاط التمثال لكنها فشلت . فقام جندي أمريكي بوضع علم أمريكي و حبل مشنقة على رأسه , ثم قامت رافعة أمريكية بسحبه بحبل غليظ ، فهوى على الارض . اعدم التمثال شنقا ، ثم قُطع راسه . لتقوم الجماهير الفرحة بامتطائه و الرقص فوق انقاضه بجنون ! لكنَّ قاعدة التمثال العملاقة بقيت ثابته . ربما بانتظار عودته او عودة شخصٍ آخر يشبهه !
بعد ثمانية اشهر تم الاعلان عن القبض على صدام من قبل القوات الأمريكية .في عملية اُطلقَ عليها اسم ، ( عملية الفجر الاحمر ). حيث تم اخراجه من حفرة ضيقة مستسلما بدون مقاومة . كان رجلا كث اللحية ، كأنما مضى على عدم حلاقتها سنين طويلة وليست ثمانية اشهر ! وبدا كما لو انه مخدرٌ وليس في وعيه . مطيعٌ لكل ما يُطلب منه ، كفتح الفم لفحص الاسنان و تفتيش الشعر مخافة وجود حشرات القمل !
بعد حوالي سنتين عُقدت اول جلسة لمحاكمته .تم توجيه الاتهام له بارتكابه لجريمة واحدة فقط ، وتم تجاهل باقي جرائمه الكبرى المتمثلة بإشعال الحروب الاقليمية و جرائم الابادة الجماعية الاخرى باستخدام الاسلحة المحرمة دوليا. بعد مرور اربعةَ عشرَ شهرا على بدء الجلسات ، قامت المحكمة بإصدار حكم الإعدام شنقا. تم إعدامه في اول أيام عيد الاضحى حيث تم وضع كيس اسود على راسه و لف حبل غليظ على رقبته . و قيل ان راسه كاد ان ينفصل لقوة حبل الإعدام ! تماما كما حصل مع تمثاله !
وانت ايها المحلل لمجرى الاحداث السياسية ، لابد ان تستنتج أمورا متناقضة بين الحقيقة وبين الروايات الرسمية يمكن تلخيصها بثلاث نقاط جوهرية :-
اولا ؛ من خلال معرفتك بشخصية صدام فهو لم يكن ليترك ذاته مكشوفةً بدون فصيل حماية يراقب موقع اختبائه وخاصة ان انصاره كانوا لايزالون يحتفظون بأسلحة و أموال و تشكيلات عسكرية سرية . كما انه لم يستخدم مسدسه الشخصي للمقاومة او الانتحار ! ثانيا ؛ ان القبض عليه لم يكن بهدف محاكمته بدليل تأخر البدء بالمحاكمة لقرابة السنتين وهو محتجز في قاعدة أمريكية. ثالثا ؛ ان من قُدم للمحاكمة شبيهه الذي له شأمتان في خده الايسر و المختلف عنه في تركيب الاذنين و سماكة الجلد وانسيابية شعر الراس ، فصدام ذو شعر مجعد بالمقارنة مع شبيهه ذي الشعر الاكثر انسيابية. بعد التدقيق في صورة الشخصين وطبيعة الشخصيتين ، يتضح انه لم يكن صدام بل شبيه جاسم العلي هو من تم استخدامه لكي يمثل دور المتهم حتى يوم تقديمه كخروفٍ للذبح في يوم العيد ، في استفزاز واضح لمشاعر المسلمين!
ولعلك تتساءل مثلنا ، اين اختفى صدام الحقيقي اذن؟
كان علينا الجواب على السؤال اعلاه لاستكمال القصة المقدمة للمتصفح الضحية. ولكن ، لم يُسمح لنا باختراع جواب ، دون الرجوع لتوجيهات الأمير.
قُدمت معلومات مختلفة لكل فرد من خليتنا . و طُلب منَّا كتابة ثلاثة سيناريوهات ومن ثمّ مناقشتها ، لاختيار اكثرها قربا للواقع ، او ربما اكثرها استفزازا لخيال الضحية!
السيناريو الاول #
ان صدام قد قتل في حرب الخليج الاولى قبل اعلانه الانسحاب من الكويت. في قصفٍ تم بالصواريخ الذكية (توماهوك ) ، استهدف ملجأً كان قد احتمى فيه قبل كابوس ليلة الانسحاب. فقد كان ينوي اعطاء أوامر بضرب القنابل الكيمياوية على الكويت قبل انسحابه و اشعال المزيد من الابار لكن مقتله حال دون ذلك. فتم اعطاء الأمر للبديل بإلقاء خطاب الانسحاب. فاصبح العراق يدار من قبل العائلة الحاكمة ، التي فضلت عدم اعلان ذلك خاصة بعد قيام الانتفاضة الشعبية. ومن ثم ابتدأت التصفيات الدموية بين العائلة الحاكمة ، كلما اراد شخص ان يثب الى كرسي الحكم . لكن نائب الرئيس كان هو من يحرك البديلين فيظهران في المناسبات كلما طلب منهما ذلك. وعندما غزت أمريكا العراق ، قُبِض عليهما. فكان مصير احدهما القتل في يوم ظهوره في المنصور. و الاخر تم تهديده بتصفية عائلته في حالة الافصاح عن شخصه . فاكمل تمثيل المشهد حتى إعدامه ! و أما نائب الرئيس فقد قاد المقاومة السرية بنفسه.
السيناريو الثاني #
ان قرار الحرب على العراق تم في عام 1999 حين علمت المخابرات الأمريكية ان صدام قد مات حتف انفه نتيجة لأصابته بسرطان الغدد اللمفاوية . فلم يكن أمامهم غير الاستمرار في الادعاء بعداء صدام للغرب . وبعد التمهيد بتمثيلية سقوط برجي التجارة في أمريكا ، صدر الأمر باحتلال العراق. فقد كانوا يبحثون عن عدو خارجي كلما كانت لديهم مشاكل اقتصادية داخل أمريكا. لذلك فقد تم الحفاظ على حكومة خارجة على القانون الدولي في العراق لكي تعطيهم مبرراً لغزوه. لم تكن الحكومة العراقية قادرة على الكشف عن موت الرئيس ، لتجنب ثورة الشعب عليها قبل ان يُنصَب شخص اخر من العائلة او الحزب الحاكم. فاستمر الطرفان بتمرير اللعبة. هرب ميخائيل رمضان مع ممرضة عراقية ؛ تحمل الجنسية الأمريكية ؛ وقع في حبها بعد ان اعتنت به في احدى المستشفيات الكويتية ، بعد اصابته في محاولة اغتيال فاشلة ، اثناء زيارته القوات العراقية في الكويت . فمهدت له سبيل الهرب الى أمريكا من خلال تعاون بين جهاز المخابرات الأمريكية و الاكراد . فهرب عن طريق تركيا و وصل الى أمريكا ، ليحصل على اللجوء السياسي فيها. ثم نشر كتاباً اسماه ( في ظل صدام ) بمساعدة المخابرات الأمريكية التي أمنت له مكانا سريا مع الممرضة التي تزوجها . ادعى في هذا الكتاب ، ان العراق بعد موت صدام ، يحكمه شبيه صدام الاخر ؛جاسم العلي ؛ الذي اصبح مُسيرا من قبل قوى كبرى ، هي من تحكم العراق حاليا !
و لغياب القائد العسكري الحقيقي فقد تم اسقاط بغداد سريعاً ، بعد انهيار الجيش و التشكيلات الساندة له في خلال بضعة أيام. أمسكوا بعدها بالبديل المغلوب على أمره وتمت محاكمته. لم يكن يقدر ان يدَّعي انه شبيه صدام ، فقد قبلَ أنْ يلعبَ دور الرئيس سنوات عديدة ، و اُرتكبت باسمه جرائم عديدة ! او ربما تم التضحية بميخائيل الذي كان في قبضتهم اصلا ، و أُفرِج عن الشبيه الذي كان في قفص المحكمة. كمكافأةٍ لنهاية الخدمة و حسن اداء الدور!
السيناريو الثالث #
حين علم صدام ان قادة اجهزة المخابرات و الجيش و حتى المقربين من عائلته قد فروا بعد معركة المطار الخاسرة. قام بمفاوضة الأمريكان لغرض تسليم نفسه مقابل اخراجه مع ولديه وعائلته خارج العراق . وهو بدوره سوف يلتزم الصمت ولن يفشي اسرار المؤامرات التي اشترك فيها مع اصدقائه الأمريكان. قبل الأمريكان ذلك. مقابل خدمة اخيرة يقدمها لهم ، و هي تمثيلية القبض عليه التي جرى توقيتها قبل الانتخابات الأمريكية. مما اهل الرئيس بوش للفوز بها ، و الحصول على فترة رئاسية ثانية . وبعد انتهاء المحاكمة . تم التضحية بشبيهه جاسم العلي . بينما صدام لازال حياً يرزق . وسوف تقوم أمريكا بإعادته للحكم مرة اخرى في حالة فقدانها لزمام الأمور في العراق والمنطقة .
بعد سلسلة من الاجتماعات بين قادة خلية صناعة نظرية المؤامرة لم يستطيعوا تحديد الافضل من بين السيناريوهات الثلاثة. فتم ارسالها جميعا الى الشيخ ابراهيم الذي اصبح أميرا للمجاهدين ، يعرف باسم جديد هو ( ابو بكر البغدادي ). وذلك بعد ان قامت المخابرات الأمريكية بتحديد مكان الزرقاوي و ابو عمر البغدادي و شن غارة جوية على مخبئهما ادت الى مصرعهما في حادثين منفصلين ، مما مهد الطريق لأبي بكر البغدادي باستلام منصب أمير المجاهدين بسهولة !
حين قرأها الأمير الجديد ، ضحك طويلا وقال : ( انشروها جميعها . فالمجاهدون المحبون لصدام سوف ينتظرون عودته ، و الآخرون سوف ينتقمون لمقتله ، و المكذبون لما يُنشر سوف يثأرون من اعدائه ، الذين سوف ننسب لهم هذه الاكاذيب ! ).
Your email address will not be published. Required fields are marked *
Comment *
Name *
Email *
Website
Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.
Post Comment
ودع البحر في شواطئ الكويت ، ودع رمال حفر الباطن ، ودع شواطئ دجلة في الاعظمية ، نفذت كل كلماته و كل رسائله ، اسقطته المؤامرات ، نهض من جديد ، جاء يمشي بكل جروحه ليكشف لنا عن معنى الانسانية الحقيقي
يمكنك اغلاق النافذة و متابعة القراءة او يمكنك الانتقال الى مدونات سعد الاعظمي
قمر بوجهين
صناعة الدجال
صناعة المؤامرة
من قعر سجنه قالها : موعدنا الجسر ! وفي الصباح وجدهم على الجسر ، الالاف الانفس ينتظرون ان تشرق ارواحهم في طريق المحبة و التسامح . مدوا ايديهم لا خوتهم في قعر النهر و همسوا لهم و هم يغرقون : موعدنا المحبة
يمكنك اغلاق النافذة و متابعة القراءة او يمكنك الانتقال الى مدونة موعدنا الجسر/ جسر الائمة/فاجعة الجسر
يمكنك اغلاق النافذة و متابعة القراءة او الانتقال الى مقالة بعنوان أفضل دفاع و التي تم نشرها في موقع ويكيبيديا (الموسوعة الحرة)
كانت روحي تهمس فيهم من انتم ؟ ماذا فعلتم ليتم عقابكم بكل هذه القسوة من الجميع ؟ كانوا يبكون صامتين ولا يجيبون عليّ . اجسادهم المنهكة تغوص في الرمال شيئا فشئياً
يمكنك اغلاق النافذة و متابعة القراءة