الرئيسية
من نحن
الاهداء
الابحارات الخمسة
الابحار الاول
الابحار الثاني
الابحار الثالث
الابحار الرابع
الابحار الخامس
كتاب المحو
خارطة الموقع
التسلسل الزمني للمدونات
كوابيس كيرونا
رسائل الرمال
شاطئ الاحلام
قرية جرف الملح
صناعة الدجال
موعدنا الجسر
العقل المحتل
صناعة المؤامرة
أمنية مستحيلة
كيف تتذكر ذلك العالم المجنون
ليلة يأجوج و مأجوج
جمهورية البتران
تعارف في شاحنة إعدام
قمر بوجهين
إعدام أم
قوائم
من قتل أبي ؟
شخصيات الرواية
سعيد البصري
سعد الاعظمي
مسعود كاكا علي
حكواتي القرية
الاسئلة المتكررة
استفتاء اسم الموقع
فهرست الفهارس
المؤلف و الرواية
مقالات عن الرواية
المقاطع المرئية
الرواية مسموعة
تواصل معنا
الرئيسية
من نحن
الاهداء
الابحارات الخمسة
الابحار الاول
الابحار الثاني
الابحار الثالث
الابحار الرابع
الابحار الخامس
كتاب المحو
خارطة الموقع
التسلسل الزمني للمدونات
كوابيس كيرونا
رسائل الرمال
شاطئ الاحلام
قرية جرف الملح
صناعة الدجال
موعدنا الجسر
العقل المحتل
صناعة المؤامرة
أمنية مستحيلة
كيف تتذكر ذلك العالم المجنون
ليلة يأجوج و مأجوج
جمهورية البتران
تعارف في شاحنة إعدام
قمر بوجهين
إعدام أم
قوائم
من قتل أبي ؟
شخصيات الرواية
سعيد البصري
سعد الاعظمي
مسعود كاكا علي
حكواتي القرية
الاسئلة المتكررة
استفتاء اسم الموقع
فهرست الفهارس
المؤلف و الرواية
مقالات عن الرواية
المقاطع المرئية
الرواية مسموعة
تواصل معنا
ابرز المقالات الصحفية
التي كتبت عن رواية إغتيال المدونين
جريدة الوسيط المغاربية الجزائرية
دراسة النقدية لرواية (اغتيال المدونين) للروائي عبد
الحسين المطر
بغداد - حمدي العطار
استغرق وقت قراءة ودراسة رواية (اغتيال المدونين) للروائي "عبد الحسين المطر" ما يعادل قراءة عشر روايات! وانا لست نادما فهي تعد بالنسبة لي درسا في السرد والتدوين وتمرين للنقد في مثل هذا النوع من الروايات!
تحية ابداعية لهذا المبدع في مجال السرد المختلف!
تحتاج قراءة رواية من هذا النوع قارئ تفاعلي يشترك مع الروائي في تذوق وكتابة الاحداث ومعرفة التداخل بين الازمنة (الداخلية والخارجية والذاتية والزمن النفسي والزمن التاريخي) اي القارئ العادي الذي يريد متعة من دون جهد قد لا يكمل مثل هذه الروايات المعقدة والشخصيات المركبة!
عتبة العنوان بحد ذاتها كونت لدي مساحة واسعة من التأمل وارجعتني الى (عصر التدوين) عند العرب اي 150 هجرية بداية ارساء اسس العلوم الحضارية وفي هذه المرحلة الزمنية انتقل العرب من الشفاهية الى التدوين ، تدوين أصول النحو واصول الفقه وتفسير القرآن ، وسميت المرحلة بعصر التدوين وبالتأكيد سبقتها (الكتابة) لكن التدوين اعلى مرتبة من الكتابة فهي التي ارست العلوم والحضارة العلمية.
اما التدوين في رواية (اغتيال المدونين) للروائي " عبد الحسين المطر" الصادرة سنة الاصدار 2022 من دار أمل الجديدة – سوريا وتقع في 345 صفحة من القطع الكبير اتخذت من عنصر التفاعل اساسا للتدوين وهو مصطلح معاصر مأخوذ من الشبكة العنكبوتية ، مدونات تنزل على شكل pdf او ملفات( ورد) مرفقة بالصور والافلام والموسيقى والفنون البصرية الاخرى السينما والدراما والافلام الوثائقية والفنون التشكيلية.
الغموض في هذه الرواية لعبة ذكية غير مفتعلة الحاجة الى توضيحه يتطلب وجود خبرة في التفاعل مع وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ابعاد القصص او المحاور للمدونات الالكترونية وتداخلها على الواقع ، قد لا تصل المعلومة كاملة للمتلقي اذا لا يكتشف سر تقنيات السرد في هذه الرواية على الاخص ان الراوي يتحكم في كل شيء وهو الكاتب والراوي بنفس الوقت ، هنا يشعرك الروائي باستخدام الميتا سرد ويقول لك في كل فقرة وسطر (أنا اكتب هذه الرواية) فهل تفقد الرواية واقعيتها بهذا الاعتراف ، ام هي دعوة للقارئ للبحث عن الروابط الالكترونية المذكورة في الرواية لرؤية الصور او الافلام او العوامل المساعدة التي تكمل عملية التدوين الذي يمثل السرد الناقص لأحداث الرواية.
دور الكتابة الترابطية
اختار الروائي في تقنية السرد (الترابطية) في النص وبشكل مخطط له! لأن الروائي يقرر مسبقا بانه سيكتب نصا مترابطا (أنا رجل عملي لا أهتم بالخيال أو الزخارف اللغوية بل أهتم بتقنية المعلومات)
وبناء على ذلك سيقوم الروائي بتنظيم بنيات النص الذي يكتبه وفق هذا النظام الذي يسمح للقارئ بالانتقال داخل النص تبعا لذلك وليكون النص المترابط مدخل الى جماليات الابداع التفاعلي! لوجود اكثر من سارد (مدون) كما يسمح الروائي بمشاركة القارئ بإبداء رأيه بعد نهاية كل فصل ليكون # إتصل بنا # أكتب تعليقك أو سؤالك (ملاحظة هامة:- معلومات المرسل لن يتم كشفها مطلقا، حيث سيتم تشفير المعلومات الخاصة بإسمه الرقمي، ومعلومات عنوان المرسل (IP) لغرض حمايته من الملاحقة القانونية أو الارهابية.)
اهمية القراءة مثل هكذا روايات وبالتالي ضرورة كتابتها يفصح عنها الروائي قائلا:" على الانسان الا يقرأ إلا تلك الكتب التي توقظه وتغير حياته) فما هي مصادر الكتابة الترابطية والتفاعلية للرواية ؟
مصادر الترابطية
1- شاشة اللوح الالكتروني : السارد احد ابناء المدونين " بدأت بقراءة ما دونه أبي ورفاقه بصوت مسموع لغرض التوثيق الصوت ، مبتدئا بتدوين خارطة موقع المدونات والتعريف بالمدونين بصفحة (من نحن؟)
2- الكوابيس
له دور في السرد لتوضيح من اصاب احد المدونين من انكسار نفسي واذى جسدي (كاكا مسعود)
"ضع الورقة والقلم أو جهاز التسجيل قرب سريرك وسجل كل شيء فور استيقاظك من الحلم. بدأت بكتابة كوابيس كيرونا التي هاجمتني بضراوة ووحشية "
كابوس ليلة الانسحاب – كابوس أميرة الورد (أمنية الايزيدية)- كابوس ليلة يأجوج ومأجوج
استحضار الاموات (الام ميادة الحامل المشنوقة وتلد بعد تننفيذ الاعدام - ماما زكية التي تعمل في السجن منظفة ويودع الطفل عندها امانة وتتغير ادارة السجن وتعده ابنها لأنها لم يكن لديها ابناء- الاصدقاء سعد وسعيد) ويعطي الطبيب المعالج لمسعود في السويد توصيفا لهذه الكوابيس (انت من اولئك الناس الذين يدركون أنهم يحلمون اثناء نومهم أو ما اسماه بالحلم الواعي)
3- شاطىء الاحلام / حلم اليقطة – جسد يغلي قرب النهر في كل ليلة قبل النوم يقوم مسعود بهذا الطقس " افتح الاجندة كل ليلة،قبل النوم، لأدون حلم يقظة ذلك اليوم، ثم اغط في نوم عميق دون احلام، فقد استنزفت احلام اليقظة كل طاقتي" وبما ان الزمن في الرواية متداخل بين الماضي والحاضر والمستقبل يقول مسعود " تصفحت الاجندات بعد سنين طويلة كانت تضم مئات الاحلام انتخبت حلمين، احسب انهما كانا نبؤتين شاهدتهما في احلام يقظتي قبل ان يتحققا"
رواية تفاعلية متعبة
اكبر تحدي تواجهه اللغة العربية هو كيفية انسجامها مع الواقع الرقمي على الرغم ما تملكه اللغة العربية من مرونة ما يمكنها من التكيف وفق مقتضيات العصر.
حرص الروائي "عبد الحسين المطر" في رواية ( اغتيال المدونين)على تقنية السارد المشارك
" يمكن للمتصفح الكريم تكوين عدة قراءات، عن طريق ترتيب المدونات حسب ( التاريخ الزمني تصاعديا مرة وتنازليا مرة أخرى أو حسب أسماء المدونين او حسب تغيير روابط الكلمات المفتاحية) فكل قراءة ترسم له خريطة جديدة، للجواب على سؤال الموقع، ( من قتل أبي ؟) ص11
كما خلق الروائي تنوع في الشخصيات وطريقة تفكيرها وأبعاد الشخصيات الثلاثة ( الجسدية والنفسية والاجتماعية) شخصيات كثيرة مع قلة الكتل السردية الخاصة بها" بصير القرية المعلم غير الرسمي- أبو نورا التاجر الكويتي- الضابط العراقي المتعاون مع المقاومة الكويتية- نورا- واخرون).
تجربة كتابة رواية تفاعلية هي نوع من الكتابة التجريبية وهي اول تجربة في العراق ، جاء العنوان مباشرا ، وقد يعني (من يقول الحقيقة يقتل) و(المدونات تمحى) ، وقد تأثر الكاتب كثيرا بمجموعة من الروايات والكتب وهو يخشى ان يتهم بالسرقة او الاقتباس ذكر تلك الكتب في نهاية الرواية ونادر ما يستعين الروائي بالمصادر وهو اضفى مزيدا من الواقعية وصارت كأنها مذكرات بل حتى كتاب المذكرات لا يستعينون بالهوامش ، ذكر فهرست الكتب قللت من الجانب الفني في الرواية" اذا كنت عزيزي المتصفح، تعرف كتابا ذا صلة بموضوعات المدونات فلا تتردد في إرسال نسخته الكترونية لموقعنا ..كما نستقبل الاقتباسات التي تود نشرها في الصفحات الافتتاحية، شرط أن تكون متضمنة لفكرة تسمو بأرواحنا في سماء الاستيقاظ"ص 344 . .
اعتمد الروائي على قساوة الاحداث والمعلومات المذكورة والسؤال هل استطاع الروائي صياغتها فنيا وجعل السرد يرتفع الى مستوى الاحداث وقسوتها؟
استخدام الروابط
يكتب الروائي صفحة معينة ويحولك الى رابط ملف صوتي او فيلمي اي تحول السرد اللغوي الى انواع أخرى الى اللغة البصرية او السمعية! واذا كان ما موجود في الرابط هو نفسه في الورق فلا ضرورة لهذا الرابط واذا كان يختلف ويضيف لنا شيئا جديدا غير الموجود في الرواية الورقية سنكون امام روايتين!
المشاهد المؤثرة
توجد مشاهد في الرواية مؤثرة وقوية مشهد انموذجا دفن المدونين وهم احياء واحدهم يتصور ان امه تأتيه مشهد مؤثر يشبه ما اقرأه في الروايات العالمية وبنفس القدر او اكثر هناك سرد مباشر عن امريكا والمؤامرة الامريكية.
التشابه والاختلاف
اعتمد الروائي عن علم (كتاب الرمل) الكتاب الورقي العادي الذي لا بداية فيه ولا نهاية اي هذا الكتاب لبورخيس يشبه النت لا بداية ولا نهاية القصد من هذه الفكرة هو ان العالم محيط واسع لا منتاهي انها فكرة بورخيس وكتابه كتاب سحري واسطوري كتابه عن المصائر المتداخلة للبشرية كما اشار بورخيس الى مفهوم الصدمة، وحاول الروائي محاكاة هذه الرؤية بشيء من الاختلاف رغم التشابه في السياق!
المفارقة الزمنية
المفارقة الزمنية في هذه الرواية هو ان الروائي عبد الحسين المطر لم يوظف الماضي من خلال الاسترجاع والاستذكار وطريقة السرد يكون بالتدوين لفرض المقارنة او المفارقة الزمنية بين الاسباب والنتائج ويطلق عليها (تودروف) – بالعودة الى الوراء ، وهذا يحدث عادة حينما يكون السرد يمثل الحاضر ، وهذا يساعد المتلقي ان تكتمل عنده الرؤية ، وقد يكون التدوين يتناول الاسترجاع خارجي ( ما قبل بداية الرواية) او التدوين استرجاع داخلي ( يعود الى ماض لاحق لبداية الرواية وقد تأخر تقديمه في النص!)
لكن المفارقة الزمنية المستخدمة في هذه الرواية هي مزيج بين الماضي والحاضر وحتى المستقبل 2040 كنقطة زمنية ترتفع اليها التوقعات فيما يخص جميع مناحي الحياة!" إنه الأربعاء ، الحادي والثلاثون من شهر آب 2005، كان موعدنا مع خالتي أم أمل وابنتها في رحلة هدفها الدعاء لله رب العالمين في البقعة المباركة التي دفن فيها أحد أولياءه الصالحين، في مثل هذا اليوم قبل حوالي 1240 سنة، كان رجلا صالحا، لم يصالح دجال زمانه الذي حاول ترغيبه بالحصول على مغريات الجنة الارضية الكاذبة أو تهديده بسطوته وتجبره العالمي، لم يترك دجال زمانه سجنا إلا وزجه فيه، وكان آخر ما فعله هو قتله مسموما في مثل هذا اليوم، خوفا على عرشه، الذي كان يهتز من دعاء المظلومين من شعوب العالم التي قهرها بالحديد والنار والاكاذيب الدينية، فكان لدعائه استجابة عجيبة شملت كل محبيه وزائريه في حياته وبعد استشهاده، فها أنتم اليوم تشاهدون معنا، الجموع المليونية التي تعبر جسر الأئمة، حيث يمسك الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه بضفة نهر دجلة من جهة الأعظمية ويمسك الإمام الكاظم رضي الله عنه بالضفة الأخرى من جهة الكاظمية، وبينهما يمتد جسر من السلام والوئام والمحبة يسلكه الوافدون إلى مدينة السلام حيث ننقل لكم هذا الحدث الكبير من قناتنا" ص195 هكذا يمهد المدون ليصل الى فاجعة جسر الائمة التي تدخل في سياق الزمن الحاضر على الرغم من انها تمثل الماضي القريب (مجموعة من الشباب يرجعون راكضين عكس التيار البشري صائحين: انتحاري راح يفجر نفسه.. انتحاري ..حزام ناسف..رجعوا بسرعة) وبسبب التدافع المجنون "فقدت أمل وأمها..أخذتني الأمواج البشرية إلى ابعد نقطة في الجسر..كيف سأجدهما في هذا الطوفان البشري المميت..دون ان اعي ، بدأت بالصراخ والبكاء( خالة أم أمل..ولج أمل..وينكم ..وينكم) دفعتني الأمواج من جديد إلى أسفل الجسر..سقطت مغشي علي" ص199 اكتب مدونتي هذه في الذكرى السنوية للفاجعة! هنا لم يذكر رقم هذه الذكرى لأن الجرح مفتوح ولا يندمل ابدا، وتأتي الشهادات متتالية من الطفلة امل ومن والد الشهيد عثمان علي العبيدي ومن المدون المحايد : مسعود كاكا علي.
العالم المجنون
هنا لغة السرد تختلف لأنها تتصاعد من عام 1927 لتصل الى عام 2040 وقد تكون ابرز محاور لهذا القفزة الزمنية هو النفط، الذي يبدأ اكتشافه من قبل البريطانيون في العراق عام 1927 وينتج عام 1932 ، ويصف المدون الذهب الاسود (لعنة النفط) – قامت حروب النفط في الخليج ضد الجيران، إيران والكويت، ومن ثم ضد العالم أجمع، فالحدود بين هذه الدول تحوي نفطا تعتبر كلف استخراجه هي الأدنى في العالم، فقد كانت عيون النفط تخرج من الارض باكية على مصيرها وتذرف الدمع الأسود الكثيف تلقائيا ودون تدخل وسائل الانتاج، فلم يعرفوا في أول الأمر السبب فسموها بحقول (مجنون)!ص265 وحينما يزحف ويتصاعد التدوين الى المستقبل 2040 يتجه السرد الى جنون مختلف (ذاكرتي لتذكر طيور النوارس وهي تحوم فوق سطح المياه لتبحث عن الأسماك وعن بقايا الطعام وتلوث المياه بالمواد الكيماوية وتسرب النفط والنفايات البلاستيكية ومبازل المزارع والمقذوفات البحرية الغاطسة وغير المنفلقة مما خلفته الحروب) وفي عام 2040 يكون الاهتمام الكبير على الطاقات البديلة!
ويتداول السرد بين المدونين (الاصدقاء الطيبين المدونين، سعيد البصري وسعد الاعظمي ومسعود كاكا علي وحفيد تومان الشجاع وشاعرنا المبدع ذو القصيدتين وبصير قريتنا الحكيم! ليتحول الاغتيال الجسدي في العالم الواقعي الى الاغتيال الرقمي في العالم الافتراضي!
الخاتمة
تتميز رواية" إغتيال المدونين" ببناء فني جديد في مجال السرد ويملك الروائي هاجس القدرة على تقديم رواية تاريخية من خلال واقعية الأحداث وخصوبة الخيال. رواية تستحق القراءة ومزيدا من النقد.
مقالة الكاتب الاديب قاسم المشكور
عبد
الحسين المطر يبحر في أمواج المعرفة المميتة/الجزء الاول
بين يديّ رواية (إغتيال المدونين) للروائي المبدع عبد الحسين المطر، الصادرة عن دار امل الجديدة للطباعة، والنشر، والتوزيع ومقرها سورية، والرواية تحتوي على ثلاث مئة وخمس وثلاثين صفحة من الحجم المتوسط
الانطباع الأول الذي خرجت به بعد الإنتهاء من قراءة الرواية، هو حالة من الذهول الذي لفني، فكل شيء فيها جديد، ومبتكر، والموضوع فيه فرادة، كما أن الشكل الفني للروائية مملوء بالسحر، والدهشة، فقد سلك فينا المطر دروباَ لا تخلو من الوعورة، ولكنها ايضاَ ساحرة، ومن العدل ان اعترف ان هذا الأسلوب في الكتابة لم اعتده من قبل، وهنا اتحدث عن نفسي فقط
اهمية الرواية في شكلها العام لا تكمن في قدرة الروائي المطر على مخاطبتنا بشكل واقعي في المظهر العام، بل في قدرته على ربط هذا الواقع المعاش بعوالم أخرى لا تخلو من الغرائبية، لكنه في الوقت ذاته يستمد صور هذه العوالم، وهيولاتها من ذات الواقع، وكأني به يستشرف المستقبل بعد أنْ يحقنه بحرعات غيرقليلة من التنبؤآت التي يتفاعل معها القارئ لأنها تستند على مقولات علمية، ومعرفية، من قبيل التنبؤ بجفاف نهري دجلة الفرات، وغياب لبلد اسمه العراق الذي سيتم إبداله بثلاث دويلات متصارعة... الخ
انا على المستوى الشخصي اعتبر كتابته لهذه الرواية مجازفة خطيرة، لأن للجديد ضريبته الفادحة التي يسددها، فكل جديد غريب، بيد أني اعتقد أنّ الروائي المطر راهن على إستجابة القارئ النبيه لمثل هذا النوع من المغامرات، على الرغم من انحسار، وضيق دائرة القراءة بعد ٢٠٠٣
إنّ اصرار الروائي المطر على الابحار في روايته وسط أمواج العزوف عن القراءة لهو بارقة امل في النهوض بالرواية العراقية عالمياَ
لقد قبض المطر على أطراف خيوط روايته بثقة واضحة، ثم راح يحركها بنباهة شديدة، ويقدم لنا صوراَ هي مزيج من الواقع والخيال، فقد تنقل خياله الخصب ليصنع لنا عالماَ مفترضاَ امده بكل عناصر، ومقومات السرد الناجح، وما كان لهذا أنْ يتحقق لولا قدرة المطر على بث الحياة في اخيلته السردية، لتقوم بعرض صورها الأخاذة، وكأنها صور واقعية
إنّ انعكاسات صوره الفانتازية، ومزجها مع الواقع بطريقة فنية بدت لنا اكثر تشويقاَ كقراء، إنها مخيلة ماسية جالت بنا في مواطن السحر، والدهشة من دون أن تنسينا الأرض التي نقف عليها
لقد قدم لنا الروائي المطر دراما حقيقية عن الشبكة العالمية التي تعمل على خداعنا عبر وسائل تسلية مؤقتة على حساب الحقائق الدامغة، إنها آلة اعلامية تقود العالم نحو الضلال، والتفاهة، والنزيف، والتقليد الأعمى
تقوم فكرة الرواية على تصفح البطل لكتاب قديم، وقد أسند له ضمير المتكلم (انا) ليمنحه زخماَ عاطفياَ، وتاريخ تصفحه لهذا الكتاب في العام ٢٠٤٠، ليكتشف أنّ صفحاته تخبره عن توديع ابيه له، وحينما يستمر في تقليب صفحاته يكتشف إنها الصفحة الأخيرة، مثلما كانت المرة الأخيرة التي رأى فيها اباه
يقول المطر في الصفحة الأولى على لسان بطله(إستيقظ، قالها لي ابي حين رآني يوماَ.. فعلى الإنسان إلا يقرأ الا تلك الكتب التي توقظه، وتغير حياته)، ولكن البطل لم يكن يوماَ كاتباَ للقصص، حينها فقط تفتق ذهنه عن فكرة جهنمية تقضي بإنشاء موقع إلكتروني يرتبط بمجموعة من الروابط، والمدونات، وقام بتعميمه على الشبكة العالمية، قبل أنْ تتم تصفيته
عبد
الحسين المطر يبحر في امواج المعرفة المميتة/الجزء الثاني
من قبل ذات الطرف الذي قام بتصفية ابيه مع رفاقه قبل عشرين عام، اما الهدف من انشاء هذا الموقع فهو البحث عن جواب لسؤاله الملح الذي تطرحه الرواية على لسان البطل، من قتل ابي؟، وهذا السؤال جعله حتى كتابة هذا السطور كما يؤكد في مدونته والذي يحمل تاريخ العاشر من أيلول في العام ٢٠٤٠ ميلادي يستمر بالتنقل بين مجموعة من الدويلات الصغيرة المتحاربة فيما بينها، والتي تكونت بدلاَ عن بلد كان يسمى العراق، أو بلاد مابين النهرين اللذين أصابهما الجفاف، ولم يعودا يلتقيان، اما جولاته التي كان يقوم بها، فقد كان الغرض منها هو البحث عن الحقيقة التي يرى أنّ تشمل جميع الملفات بكل انواعها النصية، والصورية، والصوتية، والتصويرية في محاولة منه لتحليل الأحداث التي وقعت خلال حياة ابيه، وادت إلى إغتياله، والاستيلاء على الرموز التي تسمح بالولوج إلى المدونات، وتستمر الأحداث المشوقة التي لا اريد انْ احرق على القارئ متعته في متابعة أحداثها، والتعرف على المزيد من التفاصيل المهمة فيها
لقد قدم الروائي المطر سرداَ متفرداَ بكل مستوياته، اما اللغة فكانت نفيسة بالقدر الذي يضعها في مراقي الإبداع، فكانت ملفوظاته كما النقش الجميل المحفور على لوحة من الفضة
لقد قام المطر بطرح موضوعه المتخيل ليستقيم على جناحي الرواية ببعديها الواقعي، والخيالي، مبدياَ في الوقت عينه قدراَ طيباَ من المناورة في وحدتي الزمان، والمكان
لقد افاض علينا المطر حروفه العذبة التي تنم عن قدرة فائقة في التعامل مع الملفوظات
يقول المطر في صفحة ٣٠٠حيث يخاطب بصير القرية الناس(إسمحوا لي أنْ أعلنها باسمكم قبل أنْ يصرخ صوت الشيطان من احد حناجركم، فيامركم أنْ تنتخبوا اميراَ او رئيساَ.. عليكم أنْ تستمعوا لصوت الحكمة ولو لمرة واحدة في كل تاريخكم)
اخيراَ اقول إن الرواية في العراق ستظل تتسيد الساحة العربية إذا ما جرت الأمور على وفق هذا الضخ المستمر من الدماء الجديدة الموهوبة
مقالة الكاتب الاديب حازم قابل شهاب
عندما قرا نزار قباني رواية ذاكرة الجسد التي كتبتها الجزائرية أحلام مستغانمي قال : انها ولله رواية مجنونة كقصيدة كتبت على كل البحور بحر الحب وبحر الألم وبحر الايدلوجية , هذه الرواية لا تختصر ذاكرة الجسد فحسب ولكنها تخصر تاريخ الوجع الجزائري والحزن الجزائري والجاهلية الجزائرية التي ان لها ان تنتهي.
وبتمعن قرأت هذه الرواية (اغتيال المدونين) بعد ان اثارة فضولي وبحثت عنها في المكتبة الاهلية في البصرة جائتني نسخة مهداة من كاتبها الأخ عبد الحسين المطر متفضلا ومشكورا واني أكون في اسعد لحظاتي عندما يهدى الى كتاب
.
هل أقول عن هذه الرواية مجنونة ام أقول مبهرة التوثيق فكيف استطاع الكاتب الإمساك بكل هذه الخيوط والاحداث المتشابكة وأخراجها بهذا الشكل الصعب المتناسق الذي كان بمثابة تسليط ضوء من الأعلى على كل من عاشوا في هذا الوطن وطن مابين النهرين والماء الوفير وطن المحبة والجمال والخضرة والنفوس المضيئة . لكلما شيء ما حدث قلب هذا الوطن الى مأساة فصار كل واحد منا يشعر انه اما ( سعيد البصري او سعد الاعظمي او مسعود كاكا علي) , ونحن جيل الخمسينات عشنا هذه الاحداث وشاهدنا قسم منها بأعيننا ولكن ما عشناه كان الجزء الخاص بنا حتى جاءت هذه الرواية وكشفت عن كل هذه التفاصيل وبهذا العمق وهذه الدقة وهذا الشمول من الجنوب من قرية يقول عنها سعيد البصري وهو في لندن (فقد بقيت روحي تحوم حول قرية هادئة تنام مبكرا على ضفاف شط العرب)الى قرى الشمال اليزيدية والحب المحرم المذبوح ل(امنية) والحقيقة ان هذه الرواية بعمقها كشفت المستور وما يخطط لنا في الخفاء وغيرت قناعاتنا وهزت ايماننا بكل شيء كما ان فيها نبوءة مخيفة واذكر اني عندما كنت اعمل في قضاء شط العرب سنة وغيرت قناعاتنا وهزت ايماننا بكل شيء , كما ان فيها نبؤة مخيفة واذكر اني عندما كنت اعمل في قضاء شط العرب سنة 2010 كنا نعبر الجسر القديم (جسر الدوب ) الساعة السادسة صباحا وارى شط العرب فيه ماء اتنفس الصعداء وافتح زجاج السياة وأخذ نفسا عميقا مسكونا بالخوف من اني لا أرى الماء غدا هذه نبوءة الرواية جفاف الماء وانطفاء الاشعاع من النفوس المضيئة كما يخطط له الكبار من برج بابل (كما وصفتهم الرواية).
وحسب ثقافتي المتواضعة أرى ان هذه الرواية انعكاس للواقع وكما كان يقول الماركسيون في فلسفتهم للأدب(ان الادب يعكس المجتمع
بكل مظاهره وقضاياه وبالتالي يكون الادب مرأة للواقع والمجتمع ) وخير مثال على ذلك رواية البؤساء التي نشرة سنة 1862 للكاتب الفرنسي فكتور هيجو فالكاتب استمد مادته الأدبية من الواقع الفرنسي آنذاك , وانه يصف وينتقد في هذه الرواية الظلم الاجتماعي في فرنسا بين سقوط نابليون والثورة ضد الملك لويس فيليب حيث كتب في مقدمة رواية (تخلق العادات والقوانين في فرنسا ظرفا اجتماعيا هو نوع من الجحيم البشري فطالما وجدت لا مبالات وفقر على الأرض كتب كهذا الكتاب (البؤساء) تكون ضرورية دائما ) كأنه يقول سأعكس لكم واقع هذا المجتمع.
وان رواية (اغتيال المدونين) عكست لنا الواقع بشدة مؤلمة موجعة تشبه السقوط من على جسر الائمة لشخص لا يجيد السباحة حيث أصبح المواطن العراقي البسيط فعلا السباحة في بحر هؤلاء أصحاب السلطة والأحزاب والفساد.
اخي العزيز شكرا لك ... امتعتنا ... وأوجعتنا ... ونشعر بالفخر لأجلك ... ربما يكون رأيي لا قيمة له امام هذا العمل الضخم وقد أكون بمن اشعل شمعة في ضوء النهار ... نتمى لك التوفيق وننتظر اعمالا أخرى ان شاء الله.
20/10/2023
مقالة الكاتب الاديب جواد الكاتب
البنية السردية بتقنية الأصوات المتعددة ، رواية "اغتيال المدونين" انموذجاً
صدرت للروائي العراقي البصري عبد الحسين المطر رواية اغتيال المدونين عن دار أمل الجديدة /سوريا – دمشق 2022م. تشكلت هيكلتها تقنيات معلوماتية، إذ أنشأ السارد الضمني فيها موقعاً يرتبط بمجموعة من الروابط والمدونات وحمّله على الشبكة العالمية (لذا قمت بانشاء هذا الموقع الذي يرتبط بمجموعة من الروابط والمدونات وحملته على الشبكة العالمية، قبل أن يتم تصفيتي الجسدية من قبل الذين قاموا بقتل أبي ورفاقه) ص7. هذا الاستهلال يدعونا للحديث في كيفية التصرف بعرض النص السردي أو الحكاية لكون كل حكاية لها طقسها وظرفها الذي يحتم عليها أن تكون في حلّة سردية معينة والقصد هو في استخدام التقنية المناسبة التي تليق بكيان الرواية، بالخص حين يشرع الراوي الضمني للبحث عن جواب شاف للسؤال الذي يسيطر على حياته [من قتل أبي؟].. ثم نراه ينطلق بلعبة سردية تجعلنا ندقق في أي تأريخ وكل وقت ونتتبع الشخصيات الواقعية المفترضة والموضوعة بخطة ذكية تجعلنا نعيد النظر بماهية الحبكة فالابداع دائماً يختلف في عطاءه
تأملات
في النص
متى
يكون للنص مكانة حقيقية ويُعد مؤسساً لهيكلية البناء ومحتواه؟ الجواب المنطقي هو متى ما يحدث تأثيراً وتفاعلاً ما بين النص والقارئ لكون المتلقي في حقيقته مبدعاً آخر للنص، يشتغل مع كل مطالعة على بث معان جديدة إثر التعمق في خباياه وفك رموزه "فالقراءة تقوم على خلق نص بديل عن النص الأصلي والقارئ معاً" / النص والتأويل.. أحمد قداس
في اغتيال المدونين يجسد القارئ الضمني التفاعل بين النص والمتلقي، اعتماداً على فرضية القارئ موجود في النص ان لم يكن واحدا من البنية التي تشارك في خلق أثناء التلقي وهذه رائعة جمالية تحسب للكاتب إذ جعل من أساسيات الخطاب الروائي في روايته اغتيال المدونين التقنيات المتعددة في بنيتها السردية مما أغنى العمل السردي الضخم أصواتاً رقمية تتزين بصياغة جمالية للواقع المفترض.. لاحظنا التباين السردي في النص وكيف يصل بيسر إلى مخيلة القارئ، حيث من المعروف أن العملية السردية عملية وظيفية في البناء الر وائي فمن الأفضل تتيسير المداخل إليها لتكون أكثر فاعلية وتأثيراً
لقد كان عبد الحسين المطر في عالم روايته دقيق الملاحظة والترقب وذو حس عال بوظيفة السرد حين جعل سرده وحدة متماسكة في الأداء بطريقة العرض المغاير لكثير من الروايات لهذا العام وقبله وتعامل في سرده بامتياز فنان موهوب، إذ جاء بتقنية الابحارات الخمسة التي تضمنت عناوين الحكاية من خلال لعبته السردية – المدونات- التي رسم لنا فيها عالماً أرغمنا على متابعته لمعرفة كنه تدوين الشخصيات والقفز بالزمنيات بقصدية لا تخفى على القارئ المتمرس ومشبع بحس درامي.. فالحوارات المدونة والتسجيلية كانت صوراً سردية تتكاتف مع السرد في طموحه نحو البناء المبدع فالذي يتمعن بحقيقة السرد في "اغتيال المدونين" يفاجأ بتداخل العديد من الأساليب السردية المتداولة والحديثة والخوض في رمزيات النص واستعاراته ولاسترجاع والتقديم والقطع الزماني والمكاني وتيار الوعي والخطابات (ولكون كتاب المحو هو فهرس من فهارس الكتب كلها، فلابد أن تكون رموزه مفتاحاً لرموز الكتب كلها)ص177." تذكرت طفولتي في قرية جرف الملح حين كنت أرتدي ثوباً أبيض واجري قرب ضفة نهر... حيث كانت النخلة المنبطحة وقد تفرع من منتصف جذعها نخلة اخرى" ص186.. "كان ابني عثمان الذي يعمل في مخبز للصمون في الحي، اول من لبى النداء مع مجموعة من اصدقائه وجيرانه ظلوا حتى المغيب ينتشلون الغرقى وينقلون المصابين الى سيارات الاسعاف"ص200
الى جانب ذلك تناول عبد الحسين المطر الحيل الاسلوبية بالاخص في تعدد الاصوات لكون المحتوى السايكلوجي والاجتماعي والتاريخي يعد عملا حكائيا ضخما اذ تداخلت الاصوات وتجمعت واختلفت وباحت ما في ابعادها وطموحاتها وماساتها كما في المدونة العاشرة اذ عرضها بطريقة المشاهد ولكل مشهد عنوان باسم شخصية فيتوالى البوح والسرد والتواصل بدفع الآحداث ناهيك عن تسطير مفردات الكتاب الام كما يذكر في ص49 لهذا الكتاب الدنيوي وهو كتاب المحو: فالقراءة في كتاب المحو هي تجدد لمعاني الكلمات التي لا تستقل بذاتها بل تقترن بفهمك وتاويلك المتجدد.. ص49. في تلك العبارات تذكرنا ما ابتدأنا فيه حديثنا عن الرواية المتميزة " اغتيال المدونين" الذي كان فيها الروائي كالمرايا حين يترك كل شخصية تسرد ما لديها بصيغة الأنا ووفقا للمدونات كشخصية سعيد البصري وسعد الاعظمي ومسعود كاكا علي مع السارد المتكفل بسرد الحكاية وبصير القرية وآخرون
عمل روائي مميز بدرجة عالية من الابداع في الأسلوب والصياغة والطرح والحوار والمسك بزمام عالم الرواية، أبارك للكاتب وأهنئه على جهده وأهنئ المكتبة العراقية بهذا المنتج الروائي الرائع