من قتل أبي ؟

كنتُ اقرا في كتاب قديم .. ابي يودعني و يخرج من الدار .. قلبت الصفحة ... عرفتُ انها اخر مرة شاهدته فيها
استيقظ ، قالها لي ابي حين رآني يوما وقد غفوت ممسكا بكتابٍ قديم ، استيقظ .. فعلى الانسان أَلَّا يقرأَ إلَّا تلك الكتب التي توقظه و تغير حياته. وعليه حين يكتبها ، ان يكون هو القارئ الاول الذي تغيرت حياته. لكني لم اكن يوما ما كاتب قصص او روايات فانا رجل عملي لا اهتم بالخيال او الزخارف اللغوية بل اهتم بتقنية المعلومات، لذا  قمت بإنشاء هذا الموقع الذي يرتبط بمجموعة من الروابط و المدونات . وحملته على الشبكة العالمية ، قبل ان يتم تصفيتي الجسدية من قبل الذين قاموا بقتل ابي و رفاقه. الهدف من انشائه هو البحث عن  جواب للسؤال الذي سيطر على حياتي ، من قتل ابي ؟ هذا السؤال جعلني حتى كتابة هذه السطور في العاشر من ايلول عام 2040 ميلادية استمر بالتنقل بين مجموعة من الدويلات المتحاربة التي تكونت بدلا من بلد كان يدعى العراق او بلاد النهرين ؛ اللذين اصبحا لا يلتقيان ؛ باحثاً و منقباً عن الحقيقة. وذلك بجمع الملفات بكل انواعها النصية و الصورية و الصوتية و التصويرية محاولا  تحليل الاحداث التي وقعت خلال حياة ابي و ادت الى اغتياله. والاستيلاء على الرموز السرية التي تسمح بالولوج الى المدونات ، التي كان ابي ورفاقه يقومون بتدوين احداث حياتهم و انطباعاتهم عمّا عاشوه وما حلموا بتحقيقه. فقد كانوا ساخطين على المؤامرة الكبرى التي حلت بوطنهم . وارادوا فضحها مستخدمين اسماء مستعارة في التدوين لكي لا يكتشف أمرهم. لكنهم ربما ارتكبوا خطا في عملهم أدى الى اكتشافهم وتصفيتهم بطرق وحشية و غامضة . كنت اريد قراءة كل حرف كتبوه لكي اتوصل الى القاتل الحقيقي. جلستُ أمام شاشة اللوح الإلكتروني ، و بدأت بقراءة النصوص لغرض تحويلها الى ملف صوتي باللغة العربية، ومن ثم يقوم المعالج اللغوي بترجمتها الى اكثرمن خمسٍ وثلاثين لغة اخرى حيث قمت بتحميل تطبيق المترجم الادبي الفوري من الشبكة المعلوماتية. لكي تبث رسالتي الصوتية الى اغلب الشعوب ، على أمل ان تصل قبل ان يتم اعتراضها من قبل مراقب المحتوى النصي ، الذي تم تنصيبه على كل خوادم الشبكة التي ترصد المحتوى الالكتروني و يتم حذفه اذا كان مخالفا اولا بأول. ومن ثم تحديد موقعي و تصفيتي او سجني من قبلهم ! فالملفات الصوتية تحتاج الى فترة زمنية اطول قبل اكتشاف محتواها . كان ابي واصدقاؤه قد اخفوا نسخة سرية في الشبكة السرية للنت والتي كانت تسمى في أيامهم بالشبكة المظلمة او السرية . والتي تشكل في أيامنا هذه اربعة اخماس جبل النت الغاطس تحت السطح المرئي لمتصفح النت العادي. كان علي الابحار مخترقا هذا الجبل الجليدي المختفي تحت السطح الهادئ. كنت اريد استعادة الملفات التي تم اتلافها او حذفها من المدونات. ولم يكن الابحار سهلا فهو لا يشبه الهدوء الذي يظهر على السطح بل كان رحلة خطرة في الأمواج المتصارعة. حيث تكثر الفيروسات و الاعلانات و الروابط المفخخة لتجار السلاح و الجنس و المخدرات و تجارة البشر و الاعضاء البشرية ، اضافة الى الكثير مواقع المافيا العالمية أو المنظمات السرية المناهضة للنظام العالمي الجديد .وكما ان  هنالكالكثير من المدونات المحظورةوالتي يحتفظ اصحابها بنسخ سرية محمية بشفرات صعبة الفتح. فكنت احتفظ بالرمز السري المعقد المتكون من ستة عشر رمزا من حروف و أرقام وعلامات عشوائية. فكانت بابي السري للولوج الى المدونات لإعادتها الى سطح الشبكة العالمية حيث يستطيع الجميع سماعها وثم قراءتها. بدأت بقراءة ما دونه ابي و رفاقه بصوت مسموع لغرض التوثيق الصوتي، مبتدئاً بتدوين خارطة موقع المدونات و التعريف بالمدونين بصفحة ( من نحن ؟). ومن ثم قراءة مقدمة الموقع ، او خطابهم الاستهلالي الموجه للمتصفح الجديد ، ومن بعدها ابحرت متنقلا في أمواج كلمات المحيطات الخمسة